ترأس رئيس الحكومة السيد سعد الدين العثماني، يوم الجمعة 31 ماي 2019 بالرباط، اجتماع مجلس التوجيه الاستراتيجي لوكالة حساب الألفية-المغرب في دورته السادسة، خصص أساسا للوقوف على حصيلة تنفيذ برنامج التعاون موضوع "الميثاق الثاني" لتحدي الألفية الثاني واستعراض أبرز محطاته القادمة.

وفي كلمة ألقاها في بداية هذا الاجتماع، سجل السيد رئيس الحكومة أن البرنامج موضوع الميثاق الثاني لتحدي الألفية، أوشك على استكمال العام الثاني من دخوله حيز التنفيذ، مقتربا بذلك من منتصف الطريق، مما يدعو إلى تقييم ما تم إنجازه خلال هذه المدة والتفكير في أنجع السبل للرفع من وتيرة الإنجازات مستقبلا.

وتوقف السيد رئيس الحكومة عند طبيعة المشاريع المندرجة في برنامج الميثاق المذكور، والتي تمت بلورتها بغاية المساهمة في النمو الاقتصادي عبر الاستثمار في الرأسمال البشري وتشجيع المبادرة الاقتصادية الحرة وتعزيز الحكامة الجيدة.

وذكر في هذا السياق بالمشروعين الهامين موضوع الميثاق، أولهما مشروع "التربية والتكوين من أجل قابلية التشغيل"، الذي يتضمن ثلاثة أنشطة وهي ''نشاط التعليم الثانوي''، و''نشاط التكوين المهني''، ونشاط ''التشغيل''، ويهدف إلى الرفع من قابلية تشغيل الشباب ومعدل تشغيلهم من خلال تحسين جودة التعليم الثانوي وملاءمة برامج التكوين المهني مع حاجيات سوق الشغل وتطوير برامج للإدماج المهني للشباب والنساء في وضعية هشة وفق منطق التمويل المبني على النتائج.  كما يهدف المشروع الثاني: "إنتاجية العقار"، إلى الرفع من إنتاجية العقار بالمغرب من خلال تعزيز استجابة أسواق العقار لمتطلبات المستثمرين وتعزيز مناخ الاستثمار، وذلك عبر ثلاثة أنشطة، وهي نشاط ''حكامة العقار'' ونشاط ''العقار القروي'' ونشاط ''العقار الصناعي''.

وسجل السيد رئيس الحكومة بارتياح أن مختلف هذه المشاريع قد دخلت في طور الإنجازات الملموسة، وهو ما يستدعي تظافر جهود كافة الأطراف وحرص الجميع على وتيرة للإنجاز تضمن تحقيق الأهداف خلال الآجال المتعاقد عليها. 

وبالفعل، ففيما يخص الشق المتعلق ب "التربية والتكوين من أجل قابلية التشغيل"، تمكنت الوكالة في نشاط ''التعليم الثانوي'' من استكمال الدراسات التقنية المتعلقة بأشغال البنى التحتية للمؤسسات المستفيدة بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، ومن المرتقب أن يُشرع في إنجاز هذه الأشغال ابتداء من الصيف المقبل. وستلحق بهذا الركب قريبا باقي المؤسسات المستفيدة في جهة فاس-مكناس، وجهة مراكش-آسفي. كما تم استكمال إعداد مخطط للتكوين في المجالين البيداغوجي والتدبيري يستهدف حوالي 6000 من الأساتذة والأطر الإدارية للمؤسسات المعنية.

وبالنسبة لنشاط "التكوين المهني"، تم الانتهاء من إعداد المساطر لاختيار المشاريع المستفيدة من تمويل صندوق شراكة، ويتعلق الأمر ب 15 مشروعا في قطاعات متنوعة كالفلاحة والصناعة والسياحة والصناعة التقليدية والصحة واللوجستيك، وسيُشرع قريبا في إنجاز الدراسات الهندسية والتقنية لمباشرة أشغال البنى التحتية لإحداث أو توسعة أو إعادة هيكلة مراكز التكوين المهني المستفيدة.  ودعا السيد رئيس الحكومة في هذا الصدد الوكالة وكافة المتدخلين إلى جعل هذه المراكز نموذجا لإشراك القطاع الخاص وللحكامة الجيدة بما يضمن فرصا حقيقية لإدماج الخريجين في سوق الشغل.

وفيما يتعلق بنشاط " التشغيل"، تم في مارس الماضي إطلاق طلب مشاريع الإدماج في سوق الشغل، بالاعتماد على مقاربة التمويل القائم على النتائج. ويجري حاليا إخضاع المقترحات التي توصلت بها الوكالة للتقييم قصد اختيار المشاريع المؤهلة للدعم. كما تم أيضا حصر بعض الإجراءات الأولية وذات قيمة مضافة مهمة سيتم تنفيذها في إطار دعم تعزيز منظومة رصد سوق الشغل.

أما بالنسبة لمشروع "إنتاجية العقار"، فمن المرتقب أن يتم في غضون شهر يوليوز المقبل انطلاق الأشغال التقنية والميدانية لعملية تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دائرتي الري بكل من الغرب والحوز، لفائدة ذوي الحقوق، على مساحة إجمالية تناهز 66 ألف هكتار.

كما أن الدراسات التقنية والإعدادية المتعلقة بالمناطق الصناعية النموذجية تشارف على الانتهاء، حيث يُنتظر الشروع في أشغال التهيئة الخارجية خلال النصف الثاني من هذه السنة، وذلك بعدما تم استكمال الإجراءات الإدارية المتعلقة بتعبئة العقار واستصدار بعض التراخيص الإدارية، والاتفاق مع المؤسسات المعنية بالربط بالكهرباء والماء والتطهير السائل.

وتجدر الإشارة كذلك إلى أنه تم إطلاق طلب المشاريع للاستفادة من دعم صندوق المناطق الصناعية المستدامة بتمويل مشترك من قبل هيئة تحدي الألفية والحكومة المغربية.

 كما سجل السيد رئيس الحكومة أن برنامج الميثاق يتضمن، بالإضافة لهذه المشاريع ذات الطبيعة التنفيذية الميدانية، إصلاحات هيكلية تهم منظومة التكوين المهني، وتحسين النظام الحالي لرصد وتحليل سوق الشغل، ووضع إطار قانوني خاص بفضاءات الاستقبال الصناعي؛ وهي إصلاحات كبرى تستدعي دعم الجميع، وتستوجب تشاورا موسعا بشأنها، ومواكبة خاصة اعتبارا لكون نجاحها يعتمد بدرجة قصوى على مدى تملكها من طرف جميع الشركاء والمتدخلين.

وشدد السيد رئيس الحكومة في هذا الصدد على أن الوزارات المعنية مدعوة لتوفير الدعم السياسي وقيادة التشاور مع جميع الأطراف المتدخلة والتوافق حول مضمونها قبل وضعها في مسطرة المصادقة.

واعتبر السيد الرئيس أن محدودية المدة الزمنية لهذا البرنامج، التي لم يتبق منها إلا 3 سنوات، تستلزم تسريع وتيرة الإنجاز من أجل كسب رهان تحقيق إصلاحات جوهرية وعميقة، خاصة وأن كل المشاريع تدخل في دائرة المجالات المعنية بالتوجيهات الملكية السامية التي تؤكد على ضرورة إصلاح منظومة التربية والتكوين وملاءمة التكوين ومتطلبات سوق الشغل وجعل العقار في خدمة التنمية.

وفي الختام توجه السيد رئيس الحكومة بالشكر لهيئة تحدي الألفية ومن خلالها للحكومة الأمريكية، كما أشاد بالتعبئة المستمرة للأطراف المعنية، من قطاعات وزارية ومؤسسات وهيئات عمومية، وقطاع خاص ومجتمع مدني، وانخراطها الجاد والمتواصل، من أجل إنجاح تنفيذ البرنامج موضوع الميثاق.

وتتبع أعضاء المجلس عرضا للمدير العام لوكالة حساب تحدي الألفية-المغرب، أطلعهم من خلاله على حصيلة تنفيذ برنامج الميثاق المتعلقة بـأنشطة "التعليم الثانوي" و"التكوين المهني" و"التشغيل" المندرجة ضمن مشروع "التربية والتكوين من أجل قابلية التشغيل"، وتلك المتعلقة بأنشطة "العقار الصناعي" و"العقار القروي" المشكلة لمشروع "إنتاجية العقار"، وكذا على حصيلة الإنجازات المالية للوكالة.

وختاما، صادق المجلس على مجموعة من القرارات تهم على الخصوص الجزء الثاني من دليل المساطر المتعلقة بتدبير صندوق البرنامج التجريبي للتشغيل عبر التمويل القائم على النتائج، وثلاثة اتفاقيات تتعلق بالملحق التعديلي للاتفاقية بشأن هيئة تنفيذ نشاط "العقار القروي" وتخص ادراج منطقة الحوز ضمن المناطق المستفيدة من عملية التمليك، والاتفاقية المبرمة بين الوكالة ومجموعة القرض الفلاحي في إطار تنفيذ هذا النشاط، والاتفاقية المبرمة بين الوكالة ومركز الدار البيضاء الدولي للوساطة والتحكيم من أجل البث  في الطعون المتعلقة بطلبات العروض.

حضر هذا الاجتماع على الخصوص السيدان وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي ووزير الشغل والإدماج المهني وممثلو باقي القطاعات الوزارية أعضاء المجلس، وممثلو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والمؤسسات العمومية وهيئات المجتمع المدني المعنية بمشاريع برنامج "الميثاق الثاني"، والاتحاد العام لمقاولات المغرب.