حوار مع السيد عبد الغني لخضر، مستشار السيد رئيس الحكومة والمنسق الوطني للميثاق الثاني لتحدي الألفية بالمغرب عن عدد أسبوعية «LA VIE éco»

أجرت الحوار السيدة Anne-Sophie Martin

تم، في دجنبر 2014 ، تأكيد أهلية المغرب للاستفادة من برنامج ثان للتعاون (الميثاق الثاني) مع "هيئة تحدي الألفية" للولايات المتحدة الأمريكية. ما هو المغزى الذي يكتسيه هذا التأكيد بالنسبة لكم ؟

وفقا لمساطر "هيئة تحدي الألفية"، منذ الإعلان عن أهلية بلد ما للاستفادة من دعمها على أساس عدة معايير، يتعين عليه أن يحافظ على أهليته طيلة مسار إعداد الميثاق. وهكذا، ومنذ الإعلان عن أهليتها في 2012 ، استطاعت بلادنا الحفاظ على هذه الأهلية خلال سنتي 2013 و 2014 ، وهو ما يشكل اعترافا بالجهود التي تبذلها الحكومة لتحسين أداء البلاد في مجالات مناخ الأعمال والحكامة وجودة الترسانة القانونية والتنظيمية، الخ. وينبغي أيضا أن نرى في هذا التأكيد اعترافا باستقرار بلدنا والتقدم المحرز في مجالات حقوق الإنسان والديمقراطية، وهو كذلك دلالة على جودة العلاقات العريقة التي تجمع المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، وكذا إقرار بنجاح الميثاق الأول الذي تم تنفيذه بين سنتي 2008 و 2013 والذي بلغ الغلاف المالي المرصود له 697,5 مليون دولار أمريكي.

على ذكر الميثاق الأول، بعض الأوراش لم يتم اغلاقها في الوقت المحدد. حيث أن ما بين 70 و 80 عقدا ظلت مفتوحة بعد انتهاء مدة الميثاق. ما هي الحصيلة اليوم؟

عند متم مدة تنفيذ الميثاق الأول، بلغت نسبة الالتزام بالنفقات المخصصة للميثاق 98 ٪ بينما وصلت نسبة صرف الموارد الملتزم بانفاقها 96 ٪، مما يدل على أن الجزء الأساسي من الميثاق قد تم تنفيذه إلى حد كبير في الوقت المحدد. ولقد تمت الإشادة بهذا الإنجاز من قبل شركائنا الأمريكيين باعتباره نجاحا كبيرا. واعتبارا لذلك، تعتبر بلادنا اليوم مصدر إلهام للبلدان الأخرى المؤهلة. أما فيما يتعلق بالعقود التي لم يتم اختتامها، فلقد همت بالأساس عقودا تتعلق ببنيات تحتية تم إنجازها وتجهيزات تم اقتناؤها فعليا الا أن مدة ضمانها لم تكن قد انقضت مع حلول منتصف شهر شتنبر 2013 ، تاريخ إغلاق الميثاق الأول . وبذلك، كان على وحدات تنفيذ هذه العقود مراقبة مدى مطابقة البنيات التحتية والتجهيزات التي تم تسليمها لدفاتر التحملات عند نهاية مدة ضمانها والإعلان عن تسلمها النهائي. كما كان على هذه الوحدات، وفقا لخطة إغلاق الميثاق الأول ، أن تستمر في تطبيق نفس المعايير والمساطر المتفق عليها مع "هيئة تحدي الألفية". ويمكن القول أن عملية التسليم النهائي تتابع اليوم مسارها الطبيعي وفقا لمدة الضمان التي تتراوح بين سنة واحدة بالنسبة للأشغال إلى 3 سنوات بالنسبة للتجهيزات التقنية المعقدة.

من أجل إعداد مضمون الميثاق الثاني، انكب البنك الإفريقي للتنمية، بتعاون مع الحكومة المغربية، على تحليل معوقات النمو الاقتصادي للبلاد. ما هي التوصيات المستخلصة من هذا التحليل؟

بطلب من الحكومة و"هيئة تحدي الألفية" وبتعاون وثيق معهما، أنجز خبراء البنك ا لإفريقي للتنمية دراسة حول معوقات النمو الاقتصادي في المغرب، وذلك لتحديد المعوقات التي يمكن أن تتدخل "هيئة تحدي الألفية" لرفعها أو التخفيف من آثارها. وقد حددت هذه الدراسة المعوقات الرئيسية التالية: ضعف الرأسمال البشري وعدم ملاءمته مع حاجيات المقاولات؛ وصعوبة ولوج المقاولات إلى العقار؛ وبطء النظام القضائي وتنفيذ الأحكام؛ ونظرة المقاولات الى النظام الضريبي من حيث ثقله ومستوى اتساقه؛ والجمود النسبي لسوق العمل على مستوى التوظيف والتسريح. كما سلط التحليل الضوء على ضعف التنسيق الاستراتيجي بين مختلف الفاعلين العموميين والخ واص. هذا وتجدر الاشارة الى أن هذه المعوقات قد تم تأكيدها من خلال تحليلين إضافيين أنجزتهما مصالح رئيس الحكومة حول فرص الاستثمار المتوفرة للقطاع الخاص وحول التفاوتات الاجتماعية وتلك المرتبطة بالنوع.

على أي من هذه المعوقات قررت الحكومة و"هيئة تحدي الألفية" أن يركزا تدخل الميثاق الثاني؟

سعيا لضمان نجاعة التدخلات، اتفقت الحكومة و"هيئة تحدي الألفية" على أن لا يتم الاشتغال على جميع المعوقات التي تم تحديدها، بل التركيز على مشروع أو مشروعين لإحداث أقصى الآثار على النمو الاقتصادي. وهكذا، وبعد عدة تحاليل ومشاورات، اختار الطرفان مجالين على درجة خاصة من التعقيد والاستراتيجية، بالنظر لأثرهما الأكيد على القطاعات الأخرى . ويتعلق الأمر بالتربية والتكوين، من جهة، والعقار، من جهة أخرى.

لنتناول أولا قطاع التربية والتكوين: ما هي المحاور الكبرى التي تشتغلون عليها بمعية "هيئة تحدي الألفية"؟

المشروع الذي أسميناه "تحسين جودة الرأسمال البشري" يهدف بالأساس إلى تحسين قابلية ولوج الشباب المغربي لسوق الشغل من خلال تحسين جودة وملاءمة التكوين المهني والتعليم الثانوي. ويرتبط هذان المكونان من نظام التربية والتكوين بشكل مباشر أو غير مباشر بسوق الشغل. ويهدف محور "التكوين المهني" إلى تحسين جودة هذا التكوين وبلوغ ملاءمة أفضل مع احتياجات القطاع الإنتاجي. لهذا، سيتم إحداث صندوق موجه لتمويل إنشاء معاهد جديدة للتكوين المهني في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتحويل بعض مؤسسات التكوين المهني المدبرة حاليا من قبل وحدات عمومية إلى مؤسسات تدبر في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وقد أثبتت التجارب في بلادنا والعالم بوضوح بأن جودة التكوين المهني ترتبط ارتباطا وثيقا بمساهمة المقاولة خلال جميع مستويات مسار التكوين المهني. وسيتولى الصندوق كذلك تمويل إنشاء أو تقوية وكالات الوساطة في مجال التشغيل. وإضافة لذلك، سيوفر المشروع دعما مؤسسيا للسياسة العمومية المنتهجة في مجال التكوين المهني. كما نناقش أيضا مع الجانب الأمريكي امكانية دعمنا لوضع وتفعيل نظام وطني لرصد سوق الشغل، مما سيمكننا من تحديد حاجيات التكوين وتتبع تطورها بالاضافة الى منافع أخرى في ميادين شتى .

بخصوص الصندوق، أعلنت مصالح رئيس الحكومة عن طلب لإبداء الاهتمام. فما هيأهداف هذا الطلب؟

بالفعل، تم الإعلان عن هذا الطلب في 23 فبراير الماضي على أن يغلق يوم 17 أبريل 2015 . وتتجلى أهدافه بالأساس في قياس مدى الاهتمام بهذا الصندوق لدى المؤسسات العمومية والخاصة العاملة في القطاع وجمع الأفكار التي ستمكننا من تحديد معايير الصندوق على مستوى شروط الولوج ومبالغ التمويل حسب نوع العمليات، الخ. وسننكب، في الأيام المقبلة، على دراسة أفكار المشاريع التي اقترحت علينا، وسنستخلص، تبعا لذلك، النتائج من هذه العملية، مع العلم بأن الأمر لا يتعلق، في هذه المرحلة، باختيار مشاريع لتحظى بتمويل فوري، حيث أن هذا الاختيار لن يتم الا في العام المقبل على أساس طلب عروض بعد دخول الميثاق الثاني حيز التنفيذ.

وفيما يتعلق بمكون "التربية"، لماذا تم اختيار الاشتغال على التعليم الثانوي وليس على النظام التربوي بأكمله؟

يحضرنا دائما الحرص على تركيز التدخل بدلا من تشتيت الجهود على عدة مجالات. إلى ذلك، يشكل التعليم الثانوي مرحلة حاسمة لضمان جودة التعليم العالي والتكوين المهني. ويجدر التذكير بأن نسبة غير ضئيلة من تلاميذ المستوى الثانوي تتخلى، لسبب أو لآخر، عن دراستها في هذا المستوى وتتقدم إلى سوق الشغل دون أن تكون قد استفادت من التكوين المهني أو التعليم العالي. ولتحسين جودة التعليم الثانوي، يقض ي المشروع بالمساهمة في تحديث مؤسسات التعليم الثانوي القائمة (الإعداديات والثانويات) من خلال تجديد البنيات التحتية المادية إذا لزم الأمر، وإرساء نماذج جديدة للتدبير والابتكار البيداغوجي. وسيرتكز هذا التحديث، من بين أمور أخرى، على تعزيز تدريس اللغات والعلوم والتكنولوجيات وغيرها من الأنشطة التي تنمي المهارات الأساسية والحياتية، فضلا عن تقوية قدرات التلاميذ على التعلم بشكل مستقل. ولن يتأتى تحقيق هذا التحديث بشكل فعلي ما لم يتم ضمان استقلالية التدبي ر الإداري والمالي للمؤسسات التعليمية بشكل فعلي. وسيتولى الميثاق الثاني جميع هذه الأمور ، غير أنه يتعين أن نعلم أن هذا البرنامج لن يشمل المملكة بأكملها، ولكن بين جهتين الى أربع جهات وفقا للغلاف المالي الذي سيخصص لب لادنا. كما يجب التأكيد، أخيرا، على أن العمليات المبرمجة في إطار مشروع "تحسين جودة الرأسمال البشري " تند رج تماما ضمن الأولويات التي وضعتها الحكومة والتي حصل بشأنها توافق عام بين كل مكونات الفعل التربوي.

المحور الثاني من الميثاق المقبل يتعلق بالعقار. هلا قدمتم لنا العناصر الرئيسية لهذا المحور ؟

يطمح مشروع "تحسين حكامة وإنتاجية العقار" إلى تقديم حلول ملائمة لإشكالية العقار عبر الاشتغال على الأسباب العميقة لهذه الإشكالية من خلال المكونين التاليين: "دعم تحسين حكامة وتنظيم العقار" و"دعم الرفع من إنتاجية العقار". ويرمي النشاط الأول إلى مراجعة الإطار القانوني والمؤسساتي والتحفيزي المعتمد في القطاع، في حين يركز النشاط الثاني على تحسين إنتاجية العقار، سواء منه الصناعي أو القروي. ويهدف التدخل على مستوى العقار الصناعي إلى إحداث مناطق صناعية جديدة وتنشيط المناطق الصناعية القائمة من خلال اعتماد نموذج جديد يجمع بين الاستثمار في البنيات التحتية الأساسية والبنيات التحتية الاجتماعية والرأسمال البشري ، وكذا من خلال اعتماد نمط جديد للتدبير من شأنه ضمان التثمين المستدام لمجالات الاستقبال هاته وتعزيز جاذبيتها. ويهدف النشاط المبرمج على مستوى العقار القروي إلى تحويل ملكية الأراضي الجماعية المملوكة في الشياع والمتواجدة في الدوائر السقوية إلى ملكيات فردية لفائدة ذوي الحقوق (التمليك)، بما يوفر لمستغلي
هذه الأراضي شروط الأمن والاستقرار اللازمة لتنمية الاستثمارات، وبالتالي تكثيف الزراعات.

كيف تجري محادثاتكم مع الطرف الأمريكي، وما هو الأفق الزمني الذي تعتقدون أن الميثاق الثاني سيكون فيه جاهزا للتنفيذ؟

أشغال إعداد الميثاق الثاني مكثفة. ونتوفر، داخل مصالح رئيس الحكومة، على فريق مكون من خمسة عشر إطارا ساميا يشتغلون ، بتفرغ كامل، مع الوزارات المعنية وخبراء "هيئة تحدي الألفية"، وبتشاور وثيق مع الأطراف الأخرى المعنية بالمشروع، بما في ذلك القطاع الخاص، والمجتمع المدني، وأحيانا الساكنة التي قد تتأثر مباشرة ببعض أنشطة المشروع. وللإشارة، تجري محادثاتنا في ظروف ممتازة. وفيما يتعلق باختتام مرحلة إعداد الميثاق الثاني، فمن المت وقع أن يتم الانتهاء من تحديد المشاريع في يونيو 2015 ، وأن يتم التوقيع على الميثاق الثاني في غضون الربع الأخير من سنة 2015 بعد التفاوض بشأن أحكام وشروط تنفيذه، بما في ذلك النمط التنظيمي لتدبيره. بعد ذلك، سندخل مرحلة مصادقة سلطات كلا البلدين على الميثاق، على أن يدخل حيز التنفيذ في غضون الأسدس الثاني من سنة 2016.

تناولنا إلى حدود الآن كل جوانب الميثاق باستثناء حجم الموارد التي ستخصص للمغرب. هل لديكم فكرة عن المبلغ الذي سيتم تخصيصه للمغرب من قبل "هيئة تحدي الألفية"؟

أود أن أؤكد أنه لم يتم بعد تحديد أي غلاف مالي. ومع ذلك، نعتقد بأن الميزانية التي ستخصص لبلادنا ستكون مهمة، ولكنها ستكون دون الميزانية التي خصصت لها برسم الميثاق الأول، وذلك نظرا
لمستوى التنمية الذي بلغه المغرب، وبالنظر كذلك للميزانية التي خصصتها "هيئة تحدي الألفية" لفئة البلدان ذات الدخل المتوسط التي تنتمي إليها بلادنا.

إضافة تعليق جديد